الاثنين، 20 مارس 2023

الاعجاز البلاغي في القران

الاعجاز البلاغي في القران

الإعجاز البياني واللغوي في القرآن الكريم,مشاركات القراء حول كتاب الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم من أعمال الكاتب محمد حسين سلامة

Webعنوان الكتاب: الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم; المؤلف: محمد حسين سلامة; حالة الفهرسة: غير مفهرس; الناشر: دار الآفاق العربية; سنة النشر: - ; عدد المجلدات: 1; رقم الطبعة: 1; عدد الصفحات: WebSep 27,  · فالإعجاز البلاغي معناه أوجه البلاغة التي يعجز البشر عن مثلها، والبلاغة -كما عرفها أهلها- هي: بلوغ المتكلم في تأدية المعنى حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها، وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها وقيل في تعريفها أيضاً: البلاغة هي أن يبلغ المتكلم بعبارته كنه مراده مع إيجاز بلا إخلال، وإطالة من غير إملال Webأي أن حاشية فرعون (الملأ) عندما أخبروا من حولهم أن موسى هو ساحر عليم، قال المحيطون بهم سوف نحضر لكم كل ساحر عليم. ولكن عندما طلب فرعون من حاشيته (الملأ) المشورة قال هؤلاء المنافقين إنهم سوف Webروائع الإعجاز البلاغي 2‏ إنها معجزة القرآن البلاغية التي أعجزت بلغاء العرب وفصحاءهم في عصر البلاغة والبيان.. وحتى يومنا هذا لم يتمكن أحد من الإتيان بمثل هذا القرآن Webسلسلة الاعجاز البلاغي في القرآن الكريم - 29 calendar_month play_arrow 11 الاستماع play_arrow تشغیل download تحميل share شارك ... read more




وقد قص الله - تعالى -علينا خبره في سورة المدثر [23]. والقرآن يتعقب هذه المحاولات اليائسة ويذكرها: وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكتَتَبَهَا فَهِيَ تُملَى عَلَيهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً [24]. وقالوا: إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ [25]. وقالوا: أَضغَاثُ أَحلاَمٍ, [26]. وقالوا: لَولا نُزِّلَ عَلَيهِ القُرآنُ جُملَةً وَاحِدَةً [27]. وقالوا: ائتِ بِقُرآنٍ, غَيرِ هَـذَا أَو بَدِّلهُ [28]. قال - تعالى -: وَإِذَا تُتلَى عَلَيهِم آيَاتُنَا قَالُوا قَد سَمِعنَا لَو نَشَاء لَقُلنَا مِثلَ هَـذَا إِن هَـذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ [30]. أيَّاً ما كان الأمر، فقد بدأت بحوث اللٌّغويين والمتكلمين في قضية الإعجاز تتبلور بشكل محدد قرب نهاية القرن الثاني الهجري بعد فتنة خلق القرآن التي أثيرت في عهد المأمون بصورة واضحة بتأثير من أحد النصارى وهو: عبد المسيح بن إسحاق الكندي، الذي رفض الدخول في الإسلام حين دعاه بعض رجال المأمون، وانتقد الإسلام وأثار قضية أنَّ القرآن مخلوق.


وما خلفته هذه الفتنة من مآسٍ, معروفة لا داعي هنا لإعادة طرحها أو الإشارة إليها. وهذا ما لا تدل عليه آيات التحدي. وهي تتميز بأنها نقلت مباحث الإعجاز خطوة إلى الأمام بتلخيص الرماني لكل ما قيل قبله من آراء في رسالته هذه. وممن ساروا على هذا الطريق أيضاً الخطابي ت هـ ، في كتاب له عن إعجاز القرآن من جهة بلاغته، وقد اجتهد في تفصيل وجوه الإعجاز من جهة البلاغة، وخرج به عن دائرة النظم إلى دوائر أخرى من المعاني كالإخبار بما يحدث في المستقبل، وبهذا يكون البحث في الإعجاز قد بدأ ينتقل إلى طور جديد. وابتداء من القرن الخامس الهجري، ومع اتساع مجالات علم الكلام [37] ، وتفشَّي بعض مظاهر الزندقة والإلحاد [38] º بدأت البحوث في الإعجاز القرآني تتخذ مسارات أكثر تطوراً، وساعد على هذا التطور الازدهار المشهود الذي اتسمت به البحوث اللٌّغوية والفنون الأدبية، ويُعَدٌّ كتاب الباقلاني من أفضل نتاج هذا القرن في مجال الإعجاز، إلى جانب إنجازات عبد القاهر الجرجاني الذي وضع نظرية النظم وضعاً متكاملاً، وإليها يرجع الفضل في تطور علوم البلاغة بعد ذلك، بل إننا لا نغالي إذا قلنا: إنَّ ما جاءت به بعض المدارس اللٌّغوية المعاصرة التي اهتمت بالأسلوب والتحليل البنائي للتراكيب اللٌّغوية لم تضف كثيراً إلى ما نادى به عبد القاهر ـ كما سيتضح ذلك بعد قليل ـ.


أما كتاب الباقلاني فقد تلا ذلك من عصور، هو المنوال الذي نسج عليه المؤلفون في الإعجاز بعد عصر الباقلاني، وفيه ناقش مسألة في غاية الأهمية، وهي أنَّ القرآن لم يجيء معجزاً للكفار في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - فقطº بل إنَّ إعجازه يشمل كل العصور التالية، والدليل على ذلك ـ في رأيه ـ أنَّ أسلوب القرآن سيظل أرقى من كل الأساليب مهما تطورت. كما فرَّق الباقلاني بين إعجاز القرآن وإعجاز غيره من الكتب السماوية، فأوضح أنَّ إعجاز تلك الكتب مقصور على الإخبار بالغيب فقط، والقرآن إعجازه متعدد الجوانب [39]. وملخص ما ذهب إليه أنَّ البلاغة التقليدية تقوم على حسن اختيار الألفاظ، فيتقوى المعنى بما يبذله المنشئ للأدب من جهد في التقديم والتأخير والاستعارة.


أما القرآن فإنه يقوم بالأساس على فكرة أداء المعنى المراد بصورة جمالية مؤثرة في النفس من خلال العلاقات اللٌّغوية صوتياً بين الحروف، ونحوياً بين الكلمات، وصرفياً باختيار بناء صرفي محدد وهذه العلاقات الثلاث تسهم في وضعية الدلالة وتأثيرها. وهكذا بدأت بحوث الإعجاز تتميز عن بحوث البلاغة وعلم الكلام، وفتح عبد القاهر والباقلاني باب تلك البحوث لمن جاء بعدهما. ففي القرن التالي لهما، وهو القرن السادس، نجد الاهتمام بالبحث في الإعجاز يتسع ليشمل متكلِّمين كأبي حامد الغزالي شافعي المذهب ، والقاضي عياض مالكي المذهب ، ومفسرين كالإمام الزمخشري [40] وابن عطية [41]. كما نجد اهتماماً بالبحث في الإعجاز في هذا القرن أيضاً عند ابن العربي الآمدي، علي بن أبي علي ت هـ ، وحازم القرطاجني ت هـ ، ثم البيضاوي المفسر [43]. كما نجد إشارات للإعجاز في تفسير ابن كثير ت هـ [44]. وتتابعت الكتابات في الإعجاز القرآني بعد ذلك، حيث نجد في القرن التاسع آراء لابن خلدون والفيروزآبادي والمراكشي. كما نجد في هذا القرن أيضاً تفسير أبي السعود [46] وبعض الإشارات عند طاش كبرى زاده.


وفي القرن الحادي عشر نجد الشهاب الخفاجي، وفي القرن الثاني عشر نجد الضرير المالكي الإسكندري، الذي تفرَّد بين علماء التفسير بوضعه تفسيراً منظوماً كاملاً للقرآن الكريم، كما نجد الجمل الذي وضع حاشية على تفسير الجلالين. وقد تحدث كل منهما في ثنايا تفسيره عن البلاغة القرآنية وجوانبها المختلفة. والتقدير: إعجاز القرآن خلق الله - تعالى - عن الإتيان بما تحداهم به. ولقد تناول في المبحث السابع عشر إعجاز القرآن وما يتعلق به بالتفصيل، فارجع إلى ذلك هناك [50]. وما زال في الساحة كثير ممن لا أحصيهم عدداً، وفي ضمير الغيب كثير ممن سَيُقَيَّضُونَ لهذا العمل الجليل، ويورثون علم هذا الكتاب العزيز حتى آخر الزمان. وهذا هو السر في أنَّ القرآن لم يخرج عن معهود العرب في لغتهم العربية، من حيث ذوات المفردات والجمل وقوانينها العامة، بل جاء كتاباً عربياً جارياً على مألوف العرب من هذه الناحية، فمن حروفهم تألَّفت كلماته، ومن كلماتهم تألَّفت تراكيبه، وعلى قواعدهم العامة في صياغة هذه المفردات وتكوين التراكيب جاء تأليفه، ولكن المعجز والمدهش أنه مع دخوله على العرب من هذا الباب الذي عهدوه، ومع مجيئه بهذه المفردات والتراكيب التي توافروا على معرفتها، وتنافسوا في حلبتها، وبلغوا الشأو الأعلى فيها، نقول: إنَّ القرآن مع ذلك كله وبرغم ذلك كلهº قد أعجزهم بأسلوبه الفذ، ومذهبه الكلامي المعجز.


ولو دخل عليهم من غير هذا الباب الذي يعرفونه، لأمكن أن يلتمس لهم عذر أو شبه عذر، وأن يسلم لهم طعن أو شبه طعن وَلَو جَعَلنَاهُ قُرآناً أَعجَمِيّاً لَقَالُوا لَولا فُصِّلَت آيَاتُهُ آأَعجَمِيُّ وَعَرَبِيُّ [52] ، ولهذا المعنى وصف الله كتابه بالعروبة في غير آية. فقال جَلَّ ذكره في سورة يوسف: إِنَّا أَنزَلنَاهُ قُرآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُم تَعقِلُونَ [53] ، وقال في سورة الزخرف: إِنَّا جَعَلنَاهُ قُرآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُم تَعقِلُونَ [54] ، وقال في سورة الزمر: قُرآناً عَرَبِيّاً غَيرَ ذِي عِوَجٍ, لَعَلَّهُم يَتَّقُونَ [55]. ومن فصاحة القرآن وضوح بيان معانيه، مع اقتصاد مبانيه، مع إيجازه، وذلك بإيفاء واكتفاء وإيماء [56] ، غير مخل ولا ممل، ومن بلاغته في عجائب التراكيب، وغرائب الأساليب، وبدائع العبارات، وروائع الإشارات، المتجاوزة لعادة العرب من فصاحتهم وبلاغتهم.. حيث إنهم كانوا أرباب هذا الشأن من الفصاحة والبلاغة وفرسان الكلام، وقد خُصوا من البلاغة والحِكَم ومن كمال العقل ما لم يُخص به غيرهم من الأمم سابقة ولاحقة، حتى إنهم تساجلوا في النظم والنثر وتفاخروا وتكاثروا، فما راعهم إلاَّ رسول كريم جاءهم بخلاف هواهم لكنه معه هداهم..


فكيف لا يكون تقديم الظرف للاختصاص، وهو يقول تنظر إلى ربها دون غيره!! ويقول الزمخشري:ألا ترى إلى قوله تعالى : إلى ربك يومئذ المستقر إلى ربك يومئذ المساق إلى الله تصير الأمور وإلى الله المصير وإليه ترجعون عليه توكلت وإليه أنيب ، كيف دلّ فيها التقديم على معنى الاختصاص[37]. ومما جاء في التقديم لإفادة التخصيص ورعاية الفاصلة، قوله تعالى: بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغياً أن ينزّل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين البقرة ومن يعص الله ورسوله ويتعدّ حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين. ومنه أيضاً قوله تعالى: ولقد أرسلنا من قبلك رسلاً إلى قومهم فجاءوهم بالبيّنات فانتقمنا من الّذين أجرموا وكان حقاً علينا نصر المؤمنين الروم فتقديم التوكيد حقاً وتقديم خبر كان علينا لإشعار المؤمنين بالنصر المحقق الذي لا مرية فيه وفي هذا ترسيخ للعقيدة وحسن التوكّل على الله والثقة فيه لا في غيره، عندما يشعر المؤمن بأن النصر مختص بالله مقصور عليه سبحانه.


ثالثاً:التقديم بين الآية والآية:. في هذه الوقفة نرى أسراراً أخرى لأسلوب التقديم مغايرة للمواضيع السابقة، والمقصود بهذا التقديم الذي يأتي بين الآية والآية هو ما ننظر إليه من حيث تقديم صيغة على أخرى في بعض آيات السورة الواحدة، أو تقديم آية على آية في النزول، أو تقديم موضع على آخر في السورة الواحدة، أو التقديم والتأخير في المتشابه. أولاً:تقديم صيغة على أخرى في بعض آيات السورة الواحدة:. وقد ورد ذلك في بعض المواضع من آيات الذكر الحكيم لعلة يقتضيها السياق ويتطلّبها المعنى، وذلك نحو قوله تعالى: يمحق الله الربا ويربي الصدقات والله لا يحبّ كلّ كفّار أثيم البقرة وقوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتباً فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضاً فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم البقرة فقد وردت الصيغتان في الآيتين وهما:أثيم — آثم، وتقدّمت الصيغة الأولى على الثانية للفارق المعنوي بينهما، فـ أثيم صفة مشبّهة باسم الفاعل، وهي صيغة مبالغة تفيد الإقامة على فعل ذلك الإثم والإصرار عليه والتمعّن فيه بلامبالاة، وأثيم:من قوم أثماء، والأثيم:الفاجر [38].


فقد وردت صيغة أثيم في سياق الحديث عن الربا ومحقه والنفير منه، قال الزمخشري في قوله تعالى: كل كفار أثيم تغليظ في أمر الربا وإيذان بأنه من فعل الكفار قوم أثماء لا من فعل المسلمين [39]. أما الآية الأخرى فقد وردت في سياق النهي عن كتمان الشهادة ولا تكتموا الشهادة ثم الوعيد من التهديد عن طريق أسلوب الشرط ومن يكتمها فإنه آثم قلبه.. وكتمان الشهادة أقل جرماً من تعاطي الربا وممارسته الذي يتأذى منه المجتمع كله، بينما تأتي ثمرة كتمان الشهادة المرّة على الأفراد… وقد أسند الإثم إلى القلب لأن كتمان الشهادة هو أن يضمرها ولا يتكلّم بها، فلما كان إنما مقترفاً بالقلب أسند إليه، لأن إسناد الفعل إلى الجارحة التي يعمل بها أبلغ، ألا تراك تقول إذا أردت التوكيد:هذا مما أبصرته عيني، ومما سمعته أذني، ومما عرفه قلبي، ولأن القلب هو رئيس الأعضاء والمضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله وإن فسدت فسد الجسد كله، فكأنه قيل:قد تمكّن الإثم في أصل نفسه وملك أشرف مكان فيه [40].


ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرّعاً وخفية لئن أنجانا من هذه لنكوننّ من الشاهدين الأنعام وقوله: قل الله ينجيكم منها ومن كلّ كرب ثم أنتم تشركون الأنعام وقد وردت صيغتان في الآية الكريمة:ينجيكم — أنجانا، وقدّم الأولى على الثانية لاقتضاء المعنى الذي ينتقي الألفاظ ويحددها، فإن الألفاظ في القرآن نزلت من لدن القدرة الإلهية معبّرة عن معانيها الدقيقة، فإذا وردت مادة بصيغتين أو أكثر، فليس ذلك فراراً من التكرار، وإنما يحدث لأن كل صيغة تعبّر عن معنى لا تعبّر عنه الصيغة الأخرى، مهما تقاربتا [41].


فالصيغة الأولى التي جاءت بالتشديد ينجيكم إنما جاءت في جناب الله وحقه، وجاءت في صيغة الاستفهام المجاب عنه في الآية التي تلتها مباشرة قل الله ينجيكم فهي نجاة بالغة العظمة والقدرة، وهي تستمر نجاة بعد نجاة… أما الصيغة الثانية فقد كانت دعاء منهم، وكانت أنجى دالة على قلّة احتمال حدوث النجاة، فقد سبقها لئن تأتي لتقليل حدوث فعل الشرط ولهذا بالغوا في جواب لئن عن طريق التوكيد باللام ونون التوكيد الثقيلة: لنكونن رغبة في تقوية حدوث فعل الشرط الذي تتوقف على حدوثه حياتهم [42]. ومن ذلك ما جاء أيضاً في سورة غافر في قوله تعالى:. وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربكم وإن يك كاذباً فعليه كذبه وإن يك صادقاً يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذّاب غافر فقدّمت صيغة اسم الفاعل كاذباً على صيغة المبالغة كذّاب فالأولى، وقعت في سياق يوحي بانتفاء الكذب من أصله لتقديم قوله: وقد جاءكم بالبيّنات من ربكم فكيف بمن جاء بالبيّنات من رهب أن يكون متّصفاً ولو أدنى اتصاف بالكذب ؟!


ولذلك جاءت الصيغة كاذباً في سياق إن الشرطية مع حذف النون من يك فلم يقل يكن وهو الأصل ليشعر بانتفاء ذلك، هذا بالإضافة إلى تنكير كذبا في سياق الشرط لإفادة العموم، أي:وإن يك كاذباً ما، يعني إن وُجد ذلك من أصله. أما صيغة كذّاب فهي لإفادة المبالغة كما سبق ذكره، وهي ترسم صورة لهذا الذي يمارس الكذب ويتعاطاه في كل أحوال حياته، حتى استحقّ تعريفه بالمسرف، وعدم الهداية من الله إن الله لا يهدي من هو مسرف كذّاب. ومن ذلك أيضاً ما جاء في سورة التحريم في قوله تعالى : وإذ أسرّ النبي إلى بعض أزواجه حديثاً فلمّا نبّأت به وأظهره الله عليه عرّف بعضه وأعرض عن بعض فلمّا نبّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير التحريم 3. فجاءت صيغة نبّأها متقدمة على أنبأك ثم أعديت صيغة نبّأني مرة أخرى، لأنّ الصيغتين نبأ في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، وما ينبّئ به فهو حق اليقين لأنه لا ينطق عن الهوى، و من أنبأك حكاية عن كلام أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها، وهي لم تبلغ مبلغ يقين الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال الراغب الأصفهاني: نبّأته أبلغ من أنبأته فلننبئنّ الذين كفروا — ينبّؤ الإنسان يومئذ بما قدّم وأخّر ويدلّ على ذلك قوله تعالى: فلما نبّأها به قالت من أنبأك هذا قال نبّأني العليم الخبير ولم يقل أنبأني بل عدل إلى نبأ الذي هو أبلغ تنبيهاً على تحقيقها وكونه من قبل الله [43].


ومن ذلك أيضاً ما جاء بصيغة المبني للمجهول سابقاً ومتقدّماً على المبني للمعلوم خلافاً للمعهود وذلك في قوله تعالى: ويطاف عليهم بآنية من فضّة وأكواب كانت قواريراً قوارير من فضّة قدّروها تقديراً الإنسان 15 وقوله تعالى : ويطوف عليهم ولدان مخلّدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً الإنسان قال الكرماني [44] : إنما ذكر الأول بلفظ المجهول لأن المقصود ما يطاف به لا الطائفون، ولهذا قال: بآنية من فضة ثم ذكر الطائفين فقال �� ويطوف عليهم ولدان مخلّدون فالصيغة الأولى جاءت بالبناء للمجهول لأن الفاعل غير مراد، ولكن المراد تسليط الضوء ولفت الذهن إلى النعم المتعددة في السياق، فإذا انتهى من تعداد ذلك، كان لائقاً التعقيب بذكر هؤلاء الغلمان الذين يقومون بخدمة المؤمنين ويقدّمون لهم ما يقدّم من ألوان هذه النعم التي ذكرت من قبل، وإنه لمن المعقول حقاً أن يتقدّم تعداد النعم على من يقومون بتقديمها [45]. ومن ذلك أيضاً ما جاء مقدّماً بالتضعيف على وزن فعّل على الفعل المهموز على وزن أفعل، يقول تعالى: فمهّل الكافرين أمهلهم رويداً الطارق وقد نصّ الكرماني [46] على أن ذلك ليس من التكرار، والتقدير:مهّل، مهل لكنه عدل في الثاني إلى قوله:أمهل كراهة التكرار وخالفة الزمخشري واعتبره من التكرار، فقال:أي إمهالاً يسيراً، وكرّر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه والتبصّير [47].


أي:في ذلك إشاعة جو من الطمأنينة والسكينة في قلب النبي وقلب المؤمنين ليثبتوا مع النبي ويصبروا على أذى الكافرين… وهذا وإذا كان ختام السورة بهذا التكرار المؤدى للتوكيد، فإن فيه اتفاق واتساق مع بداية السورة بالقسم المفيد للتوكيد أيضاً ثم بتكرار كلمة الطارق التي أشاعت جرساً قويّ الإيقاع في جو المشهد. ثانياً: تقديم آية على أخرى في النزول:. من المعلوم أن من الآيات ما نزل لسبب من الأسباب أو لمعالجة موقف من المواقف التي وقعت في حياة المسلمين ومنها ما نزل لإثبات حكم شرعي أراده الله لصالح الحياة والممات.. وكانت هذه الآيات تناسب أحوال الناس وعمر الدعوة الإسلامية فيهم ومدى صلابة العقيدة في ذلك الوقت، فما نزل بمكّة يختلف في الأحكام والشرائع عمّا نزل بالمدينة، فإن من أسرار القرآن أنه يمسك بأحوال النفس الإنسانية كلها، ويجيء إليها بما يناسب كل حال منها في مواجهتها للأحداث وفي تصورها لها وإحساسها بها [48]. وإذا نظرنا إلى أوّل ما نزل من القرآن الكريم فسنجد قوله تعالى: اقرأ باسم ربّك الذي خلق، خلق الإنسان من علق العلق فجاء الخبر بأن الله خلق الإنسان من علق، والعلقة الدم الجامد.


وإذا جرى فهو الدم المسفوح وقال: من علق بجمع علق، لأن المراد بالإنسان الجنس، وإذا كان المراد بقوله: الذي خلق كل المخلوقات، فيكون تخصيص الإنسان بالذكر تشريفاً له، وإذا كان المراد بالذي خلق:الذي خلق الإنسان، فيكون الثاني تفسيراً للأول، والنكتة ما في الإبهام ثم التفسير، من التفات الذهن وتطلّعه إلى معرفة ما أبهم أولاً، ثم فسّر ثانياً [49]. وهذه الآية مكّية وقد تقدّمت في النزول على آية سورة المؤمنون وهي مكّية أيضاً وذلك في قوله تعالى: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين المؤمنون والعلّة في ذلك والله تعالى أعلم أن آية العلق كانت في بداية ظهور الإسلام وأولى نسائمه ولم تكن النفوس مهيّئة لاستقبال الأمر المفصّل أو الشرح المطوّل بدقائقه، فأجمل لكي يمسّ القلب ويطرقه طرقاً خفيفاً يوقظ الذهن من غفوته وغفلته، ثم جاء بعد ذلك التفصيل ووصف المراحل الدقيقة في سورة المؤمنون بعدها تهيّأت النفوس لذلك واستعدّت لاستقباله وفهمه.


ومن ذلك أيضاً ما جاء من الآيات مقدّماً بعضه على بعض في تحريم شرب الخمر، وذلك مراعاة لمقتضى الحالة التي كان عليها المسلمون من شربها في ذلك الوقت، فلم يكن سهلاً أن ينقلهم الإسلام فجأة من المألوف إلى التحريم، فنزلت الآيات بالتدرّج في مراحل التحريم، فتقدّمت أولاً آية بيان الإثم الأكبر والمنافع الأقل للخمر، فأصبح التنفير واقعاً في النفس، يقول تعالى: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبيّن الله لكم الآيات لعلّكم تتفكّرون البقرة ثم نزل في مراحل ثانية قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنباً إلّا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً فامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن الله كان عفوّاً غفوراً النساء فانتقل المسلمون مع هذه الآية نقلة ثانية تالية للمرحلة الأولى، فصاروا يتجنبون شربها في النهار الجامع لأطراف الصلاة، حتى أصبح الوقت المباح لشربها هو الليل وقليل فاعله، ثم كانت المرحلة الأخيرة التي أتمّ الله تعالى فيها التحريم القاطع إلى يوم الدين، قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون المائدة 90 فهم في هذه المرحلة كانوا على أتم الاستعداد النفسي والجسدي لاستقبال هذا الأمر وتنفيذه من فوره دون معاناة أو تملل.


صورة أخرى متكاملة تحمل أجزاء المشهد الواحد لو ضُم بعضه إلى بعض، ولكنه يبدأ بأخف المراحل فيقدّمها أولاً ثمّ يتدرّج إلى الأشدّ حتى يبلغ الغاية ويفي بها… إن ذاك مع عصا موسى عليه السلام، يقول تعالى: قال هي عصاي أتوكّأ عليها وأهشّ بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قال ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حيّة تسعى طه ، ويقول تعالى: وألق عصاك فلما رآها تهتزّ كأنها جانّ ولّى مدبراً ولم يعقب يا موسى لا تخف إنّي لا يخاف لديّ المرسلون النمل ويقول تعالى : وأن ألق عصاك فلما رآها تهتزّ كأنها جانّ ولّى مدبراً ولم يعقّب يا موسى أقبل ولا تخف إنّك من الآمنين القصص ويقول تعالى: فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين الأعراف ويقول تعالى: فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين الشعراء ونفهم من هذا الترتيب أن أول اختبار لموسى مع العصا أنها ظهرت له في صورة حيّة تسعى فوقع في نفسه ما وقع من خوف… ثم جاء الاختبار الثاني في سورة النمل وهي متأخرة نزولاً عن سورة طه وفيها تظهر العصا حيّة في ضخامتها وجاناً في انطلاقها واقتضاها ولهذا لم يخف مجرد خوف كما فعل حين واجه الحية ولكنه ولى مدبراً ولم يعقب [50].


أما الصورة الثالثة فهي تحوّل العصا إلى ثعبان مبين، وهذا المشهد قد وصل إلى ذروته لأن مشهد إلقاء العصا يغاير المشهدين السابقين الذين كانا على سبيل الإعداد والتجهيز النفسي.. أما المشهد الثالث فهو مشهد الواقعة والتحدي، فكانت الصورة التي جمعت بين الحية والجان في كيان واحد قد برزت كاملة في قوله تعالى:فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين، ثعبان لا كالثعابين… وإنما هو ثعبان عظيم… فيه خفّة الثعبان ونشاطه وعظم الحية وضخامتها… وفي كلا الموضعين تقع الصورة التي تجيء عليها المعجزة على حال واحدة… ولهذا جاء النظم القرآني لهما على سواء [51]. فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين في سورتي الأعراف و فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين في سورتي الشعراء. تقديم موضوع على آخر في السورة الواحدة:. اختلف العلماء في ترتيب سور القرآن هل هو توقيفي أو باجتهاد الصحابة، وكان جمهور العلماء على أنه ليس توقيفياً بل هو من اجتهاد الصحابة رضوان الله عليهم أما الآيات فقد كان الإجماع والنصوص المترادفة على أن ترتيب الآيات توقيفي لا شبهة في ذلك، وقال عثمان رضي الله عنه كان رسول الله تنزل عليه السورة ذات العدد فكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب فيقول: ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا [52].


ومعظم السور القرآنية قد اشتملت على موضوعات متعددة كالسبع الطوال والمئين والمثاني والمفصل… وهذه الآيات الموضوعية قد تقدّم بعضها على بعض بتوقيف من الله عز وجل وتظهر في ذلك نكتة بلاغية، نتبينها في المثال الآتي، ألا وهو سورة البقرة وهي على طولها ووضوح تفصيلها تتكون مما يأتي [53]:. المقدمة:الآيات وهي في التعريف بشأن هذا القرآن أي في هذه السورة وبيان أن ما فيه من الهداية قد بلغ حداً من الوضوح لا يتردد فيه ذو قلب سليم. المقصد الأول: الآيات 21 وجاء في دعوة الناس كافة إلى اعتناق الإسلام ثم عود على بدء في أربع عشرة آية من 26 المقصد الثاني: الآيات 40 في دعوة أهل الكتاب دعوة خاصة إلى ترك باطلهم والدخول في هذا الدين الحق وعلى ذلك مدخل إلى المقصد الثالث في خمس عشرة آية من — المقصد الثالث: الآيات من في عرض شرائع هذا الدين تفصيلاً. المقصد الرابع:في آية واحدة ذكر الوازع والنازع الديني الذي يبعث على ملازمة تلك الشرائع.


الخاتمة:في آيتين اثنتين — وهي في التعريف بالذين استجابوا لهذه الدعوة الشاملة لتلك المقاصد، وبيان ما يرجى لهم إنها كالبناء الشامخ الذي يبدأ فيه بإقامة الأساس من جذوره، ثم إقامة البنيان وتشييده ثم زركشته وتزيينه. فهذا الترتيب للموضوعات في داخل السورة لهو كالحلقات المتشابكة يشدّ بعضها بعضاً ويؤدي كل موضوع إلى أخيه في تسلم رائق، يمهّد له ويبسط ضوءه رويداً حتى يلقى بدره من الأعماق… ماذا لو جاء موضوع منها قبل الآخر ؟! ما نرى إلا اختلال ميزان الفكر وتشتت الوجدان والشعور!! وقوفاً مع سورة أخرى، هي سورة النور وهي مدنية وآياتها أربع وستون آية.. وهي في الآداب الاجتماعية والتربية والنورانية التي تشع بنورها في البيت والأسرة والمجتمع. ويجري سياق السورة حول محورها الأصيل — التربية — في خمس أشواط [54]. فيعجب المتأمّل من هذا الترتيب المنطقي البديع الذي بدأ أولاً بتطهير المجتمع من الجريمة ووضع العقاب والزجر ليرتدع المجرم، وقدّم ذلك على عرض وسائل الوقاية لتتهيّأ النفس لاستقبال تلك الآداب الوقائية بنفس هادئة وتقبل على أساليبها بحب ممتزج بالخوف من الله، وهذان الموضوعان لازمان للدخول في الحديث عن آداب آخرى يربطها بنور الله.


ثم تصوير للآداب المفقودة في حق المنافقين فتقدم على تصوير آداب المؤمنين فبدأ من الأدنى للتنفير منه، ثم للأعلى ليشحذ الهمم وتنشط النفس وترغيبها بعد ترهيبها. يتقدّم تنظيم العلاقات الأسرية الصغيرة داخل البيوت، لأن ذلك هو النواة والأساس الذي ينى عليه بعد ذلك تنظيم العلاقات بين الأسرة الكبيرة في المجتمع المسلم ككل… فيتقدّم قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوّافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبيّن الله لكم الآيات والله عليم حكيم النور 58 وهي الأسرة الصغيرة، على قوله تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم النور 62 وهي الأسرة الكبير.


وفي وسط هذه الآداب تأتي استراحة قصيرة — إن صح التعبير — ليمضي السياق في عرض مشاهد الكون ومظاهر الوجود الجميل والتأمّل في تقلّب الليل والنهار وعرض مظاهر القدرة على الخلق والتنويع في أشكال الخلق وذلك في الآيات من 41 — 45 لتتوسط هذه الوقفة الكونية ما سبقها من آداب وتعاليم وما لحقها من آداب وتعاليم، فهذه السورة نموذج من ذلك التنسيق، لقد تضمّنت بعض الحدود إلى جانب الاستئذان على البيوت، وإلى جانبها جولة ضخمة في مجال الوجود، ثم عاد السياق يتحدث عن حسن أدب المسلمين في التحاكم إلى الله ورسوله وسوء أدب المنافقين إلى جانب وعد الله الحق للؤمنين بالاستخلاف والأمن والتمكين، وها هو ذا يعود إلى آداب الاستئذان في داخل البيوت إلى جانب الاستئذان من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وينظم علاقة الزيارة والطعام بين الأقارب والأصدقاء إلى جانب الأدب الواجب في خطاب الرسول ودعائه [55].


التقديم والتأخير في المتشابه:. قد تأتي بعض الآيات متشابهة في كلماتها ولكننا نجد كلمة قدمت في آية وأخرت في أخرى لسر بلاغي أودعه الله في السياق، وسوف نقف — بإذن الله وتوفيقه — مع بعض هذه النماذج القرآنية التي وردت عبر السور المختلفة.. ومن ذلك قوله تعالى: واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون البقرة فالآيتان من مشاهد القيامة وساحة القضاء الأعلى، وقد سُبقت الآيتان بآية تامة التشابه متحدة الكلمات وانتظامها، وهي قوله تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنّي فضّلتكم على العالمين البقرة 47 يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأنّي فضّلتكم على العالمين البقرة وهذا التكرار للحثّ على التذكّر للنعمة والتحذير من الإعراض عن الله ورسوله، فاليهود أمّة جبلت على العناد والتّمرّد وذلك على الرغم من أنّهم أكثر الأمم رسلاً وأنبياء، وقدّم الشفاعة في السياق الأوّل آية 48 قطعاً لطمع من زعم أن آباءهم تشفع لهم، وأن الأصنام شفعاؤهم عند الله، وأخّرها في الآية الأخرى لأن التقدير في الآيتين معاً لا يقبل منها شفاعة فتنفعها تلك الشفاعة، لأن النفع بعد القبول، وقدم العدل في الآية الأخرى ليكون لفظ القبول مقدّماً فيها [56].


ومما يشدّ من أزر ذلك المعنى الذي يبرز قطع الأمل في تلك الشفاعة، أنه جاء بـ يوماً على التنكير للتهويل ودفع النفس نحو الخوف والحذر، ونكر النفس مرتين للدلالة على العموم والشمول لكل نفس، وهو الإقناط الكلي القاطع للمطامع[57]، وقد جاء بالفعل يُقبل مع شفاعة لأنها محلّ القبول على سبيل الرحمة والرأفة، وجيء بالفعل يؤخذ مع عدل لأن ذلك على سبيل الفداء[58] ومن ذلك قوله تعالى: وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطّةٌ نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين البقرة وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اسكنوا هذه القرية وادخلوا منها حيث شئتم وقولوا حطةٌ وادخلوا الباب سجداً نغفر لكم خطيئاتكم سنزيد المحسنين الأعراف ففي الآية الأولى: وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطةٌ وفي الآية الثانية وقولوا حطةٌ وادخلوا الباب سجداً.


وقف الزمخشري على هذا الاختلاف على استحياء ولم يشأ الدخول في غماره وأعماقه، فاكتفى بقوله:لا بأس باختلاف العبارتين إذا لم يكن هناك تناقض، ولا تناقض بين قوله اسكنوا هذه القرية وكلوا منها وبين قوله فكلوا لأنهم إذا سكنوا القرية فتسببت سكناهم للأكل منها، وسواء قدّموا الحطة على دخول الباب أو أخروها فهم جامعون في الإيجاد بينهم، وترك الرغد لا يناقض إثباته [59]. والحق أن السياق اختلف فأدّى إلى معان بلاغية دقيقة، فقد جاء صدر الآية في السياق الأول بالفعل المبني للمعلوم بإثبات نا لله تعالى على التعظيم فقالوا: وإذ قلنا فناسب ذلك المقام ذكر رغداً على التنكير التفخيمي..


ولما كان الدخول في قوله: ادخلوا هذه القرية غير السكن في قوله: اسكنوا هذه القرية لأن السكن يعني اللبث والإقامة والاطمئنان، فقد جاء في السياق الأول الفاء في فكلوا والثاني وكلوا … وقدّم وادخلوا الباب سجداً على قوله: وقولوا حطة في سورة البقرة وأخّرها في الأعراف لأن السابق في هذه السورة ادخلوا فبيّن كيفية الدخول.. وفي هذه السورة أي سورة البقرة وسنزيد بواو، وفي الأعراف سنزيد بغير واو، لأن اتصالها في هذه السورة أشد لاتفاق اللفظين. واختلفا في الأعراف فكان اللائق به سنزيد فحذف الواو ليكون استئنافاً للكلام [60]. ومن التقديم في المتشابه قوله تعالى: ختم على الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم البقرة 7. وقوله تعالى : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضلّه الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تتذكرون الجاثية في آية البقرة جاء الحديث قبلها عن المتقين ثم الكافرين الذين ختم الله على قلوبهم التي هي المضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله، كما جاء في الحديث الشريف، فكان الكلام في هذه الآية على عمومه… أما في آية الجاثية فهي تتكلم عن خاصة بعينها تقع في فئة من الناس، يتّخذون العبادة بأهوائهم، ومن القراءات: إلهه هواه فينتقلون في عبادتهم من حجر إلى حجر أو غيره حسبما يتراءى لهم… فناسب ذلك تقديم الختم على السمع لأنه سمع التعقّل والهداية وهو أداة ووسيلة لنقل الفهم، كما جاء في قوله تعالى: ولهم آذان لا يسمعون بها الأعراف ومن ذلك قوله تعالى : وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين القصص وقوله تعالى: وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين يس بداية نرى صدر الآية جاء بـ جاء دون أتى لأن جاء تحيط به معاني العلم واليقين وتحقق الوقوع والقصد [61]..


وبالنظر إلى الآيتين نجد تقديم رجل في الأولى وتأخير في الثانية لاختلاف المقام فيهما ففي الآية الأولى تقدم رجل لتسليط الضوء عليه ولفت الذهن إليه وما يحمله من نبأ المؤامرة، بوصوله إلى موسى عليه السلام يتغير الموقف ويخرج موسى متخفياً مترقّباً.. أما في الآية الثانية فالمقام يقتضي تسليط الضوء ولفت الانتباه إلى المدينة بصفة أساسية لا إلى الرجل، فتظهر المدينة على غفلتها وعدم إتباعها المرسلين ثم إرادة الرجل هدايتهم… فتأخر الرجل هنا يبين أنه لم يكن محتاجاً للسرعة والعجلة ومسابقة الزمن بالقدر العظيم الذي كان يحتاجه المقام الأول… ومن هنا يتبين بعد ما ذهب إليه الكرماني في قوله:خصت في هذه السورة أي القصص بالتقديم لقوله قبله:فوجد فيها رجلين ثم قال وجاء رجل فاكتفى بالنظر إلى التقديم على أساس ذكر الرجلين من قبل لا غير!


ومن ذلك قوله تعالى: وذر الذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً وغرّتهم الحياة الدنيا وذكّر به أن تُبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله وليٌّ ولا شفيعٌ وإن تعدل كلّ عدل لا يؤخذ منها أولئك الذين أُبسلوا بما كسبوا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون الأنعام وقوله: اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفّار نباته ثم يهيج فتراه مصفرّاً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلّا متاع الغرور الحديد وقوله تعالى: وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون العنكبوت64 فآيتا الأنعام والحديد في معرض الحديث عن الدنيا وأحوالها، وفي تدرّج من الأدنى إلى الأعلى فاللعب أولى مراحل الطفولة، والتكاثر في الأموال والأولاد نهاية المطلب وقمة اعتلاء عروش الدنيا… أما آية الحديد فهي في معرض المقابلة بين الدنيا والآخرة، فالأولى لهو ولعب والثانية هي الحياة البالغة، وكان لأسلوب المقابلة هنا حسن التنسيق والإيقاع الجميل، وهي من جملة طرق العرض التي يلجأ إليها القرآن، وهي متكاملة متجانسة مع بقية الأساليب لأداء الأغراض والقيم التي يريدها المنهج القرآني، لكنها تعد من أبرز الطرق الواضحة في العرض، وفي الأداء البياني الذي يسعى إليه القرآن [62]، وقال الكرماني بدأ بذكر اللهو لأنه في زمان الشباب، وهو أكثر من زمان اللعب وهو زمان الصبا [63].


الإعجاز البلاغي واللغوي في القرآن الكريم أسامة سليمان. إعجاز القرآن. بلاغة القرآن. الإعجاز اللغوي في القرآن. فوائد ولطائف لغوية في القرآن الكريم. عضوية الموقع. اسم المستخدم:. كـلـــمـة الـمـــــرور:. بحث عن فتوى يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني الكل بالبريد الإلكتروني برقم السؤال برقم الفتوى نص العنوان نص السؤال نص الفتوى خيارات الكلمات :. كلمات متتالية. كلمات مبعثرة. مستوى الجذر. مستوى اللواصق. العرض الموضوعي العقيدة الإسلامية القرآن الكريم الحديث الشريف السيرة النبوية الدعوة ووسائلها طب وإعلام وقضايا معاصرة فكر وسياسة وفن الفضائل والتراجم الآداب والأخلاق والرقائق الأذكار والأدعية فقه العبادات فقه المعاملات فقه الأسرة المسلمة فقه المواريث فقه الجنايات الحدود والتعزيرات الأطعمة والأشربة والصيد الأقضية والشهادات الأيمان والنذور اللباس والزينة أخبار تراجم وشخصيات أصول الفقه وقواعده مصادر الفقه الإسلامي.


الأكثر مشاهدة حكم قضاء الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين أحكام قضاء الصوم كيفية الغسل من الجنابة صفة الغسل مسائل فيمن عليها قضاء أيام من سنوات عديدة بسبب الحيض أحكام قضاء الصوم تعليق الفوانيس والزينات في شهر رمضان آداب الصيام علامات وأعراض المحسود والمصاب بالعين وعلاج ذلك الحسد والعين أقوال الفقهاء في أكل لحم الخيل والحمار الأحكام المتعلقة بالأطعمة حكم عبارة: اللهم بلغنا رمضان لا فاقدين ولا مفقودين أذكار وأدعية متفرقة حكم صيام من لم يغتسل من الجنابة إلا بعد طلوع الفجر ما لا يفسد الصوم هل تغتسل المرأة إذا احتلمت ولم تر منيا أحكام أخرى. محاور رئيسية موسوعات صوتيات مقالات فتاوى استشارات المكتبة مواريث بنين وبنات. محاور فرعية الرحمة المهداة واحة رمضان نسك للشباب فقط.



الرئيسية المكتبة الإسلامية مكتبة اللغة العربية المكتبة الأدبية التربية والتعليم الأعمال الكاملة المكتبة العامة تعرف بنا جديد المكتبة اتصل بنا أهداف المكتبة أقتراحاتكم فهرس المكتبة. الرئيسية » البلاغة العربية , قسم اللغة العربية , كتب pdf » الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم - محمد حسين سلامة ، pdf. بسم الله الرحمن الرحيم. إذا استفدت فأفد غيرك بمشاركة الموضوع فالدال على الخير كفاعله : ����. القسم: البلاغة العربية , قسم اللغة العربية , كتب pdf. إرسال تعليق. تابعونا على الفيسوك. إجمالي مرات مشاهدة الصفحة. المشاركات الشائعة. الدروس العربيّة للصف الثانى الابتدائية - مصطفى الغلاييني ، pdf. بسم الله الرحمن الرحيم كتاب: الدروس العربيّة للصف الثانى الابتدائية المؤلف: الشيخ مصطفى الغلاييني الناشر: المطبعة العصرية للطباعة والنشر, بي الحلبة, في أسماء الخيل المشهورة في الجاهلية والإسلام لـ التاجي - تحقيق د. الضامن ، pdf. نجيب محفوظ بين الرواية والأدب الروائي - د. فاروق عبد المعطي ، pdf. بسم الله الرحمن الرحيم كتاب: نجيب محفوظ بين الرواية والأدب الروائي سلسلة أعلام الأدباء والشعراء المؤلف: د.


فاروق عبد المعطي الناشر: دار الدروس العربية للمدارس الإعدادية - مصطفى الغلاييني ، pdf. مغني اللبيب؛ وبهامشه حاشية الشيخ محمد الأمير - ابن هشام ، pdf. بسم الله الرحمن الرحيم كتاب: مغني اللبيب؛ وبهامشه حاشية الشيخ محمد الأمير ط الحلبى المؤلف: ابن هشام الأنصاري النحوى ت هـ الناشر: عيسى حلّ الطلاسم من شرح الألفية لإبن النّاظم - محمد الك حروف المعاني, بين دقائق النحو ولطائف الفقه - د. حقيقة ليس وأوجه استعمالها في اللغة العربية - د. جموع التصحيح والتّكسير في اللغة العربية - د. عبد ا الكافي في الإملاء والتّرقيم - د. جمال عبد العزيز ، القول المنتخب في صناعة إنشاء العرب ط العامرة - ش الفاصلة فى القرآن دار عمار - محمد الحسناوى ، pdf الشّهاب الثّاقب في صناعة الكاتب - سعيد الخوري ، pdf الشّافي في الإملاء - د.


مسعد زياد ، pdf البلاغة والسرد والسلطة, في الإمتاع والمؤانسة - د. البلاغة القرآنية في الآيات المتشابهات - د. الإعجاز البيانيّ للقرآن ومسائل ابن الأزرق - د. الأنساق الثقافية في نهج البلاغة - علي شفيع ، pdf الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم - محمد حسين سلامة أبي الطّيب المتنبي عدد خاص بالمتنبي - مجلة الهلا أبوالطيب المتنبي سلسلة شعراء قتلتهم الكلمات - جم أبو تمّام وأبو الطيّب في أدب المغاربة - د. ابن شري أبو الطيب المتنبي؛ حياته وخلقه وشعره وأسلوبه - محم أبو الطيّب المتنبي، دراسة في التاريخ الأدبي لـ ريج أبو الطيب المتنبّي، حياته وشعره ط النهضة - مجموع أبو الطيّب المتنبي وماله وما عليه ط الحسين لـ ال أبو الطيّب المتنبي وأخباره ملون - الثعالبي ، pdf أبو الطيب المتنبّي وأخباره ط التوفيق - الثعالبي أبو الطيب المتنبّي ط المجمع - شفيق جبري ، pdf قراءة الكسائى دار نينوى لرضي الدين الكرماني - تح كتاب بيان السبب الموجب لاختلاف القراءات لـ المهدوي مفردة يعقوب بن إسحاق الحضرمىّ لـ أبى عمر الدانى مفردة نافع بن عبد الرحمن المدنىّ لـ أبى عمر الدانى مفردة عبد الله بن كثير المكيّ لـ أبى عمر الدانى مرشد القارئ, إلى تحقيق معالم المقارئ لـ ابن الطحان التيسير في القراءات السبع لأبي عمرو الداني - تحقيق التهذيب لما تفرد به كل واحد من القراء السبعة لـ ال الإنباء في أصول الأداء لـ ابن الطحان - تحقيق د.


الاكتفاء فى القراءات السّبع المشهورة لـ ابن خلف حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة لجلال الدين الس حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة ط الحلبي لـ ا أيام العرب في الجاهلية ملون - جاد المولى و البجا أيام العرب في الجاهلية ط العصرية - المولى والبيج أيام العرب في الجاهلية دار الجيل - المولى و البي أيام العرب في الجاهلية - المولى والبيجاوي وأبو الف أيام العرب في الإسلام ط الحلبي - محمد أبو الفضل أيام العرب في الإسلام دار الجيل - محمد ابو الفضل Copyleft © lisanarb المكتبة الأزهرية - All lefts Reserved.



'+relatedpoststitle+',مواضيع ذات صلة بـ : أمثلة على الإعجاز البياني في القرآن الكريم

Webالمكتبة الأزهرية تهتم بنشر الكتب المصورة وخاصة كتب اللغة العربية وعلومها والعلوم الشرعية Webروائع الإعجاز البلاغي 2‏ إنها معجزة القرآن البلاغية التي أعجزت بلغاء العرب وفصحاءهم في عصر البلاغة والبيان.. وحتى يومنا هذا لم يتمكن أحد من الإتيان بمثل هذا القرآن Webعنوان الكتاب: الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم; المؤلف: محمد حسين سلامة; حالة الفهرسة: غير مفهرس; الناشر: دار الآفاق العربية; سنة النشر: - ; عدد المجلدات: 1; رقم الطبعة: 1; عدد الصفحات: Webأي أن حاشية فرعون (الملأ) عندما أخبروا من حولهم أن موسى هو ساحر عليم، قال المحيطون بهم سوف نحضر لكم كل ساحر عليم. ولكن عندما طلب فرعون من حاشيته (الملأ) المشورة قال هؤلاء المنافقين إنهم سوف WebSep 27,  · فالإعجاز البلاغي معناه أوجه البلاغة التي يعجز البشر عن مثلها، والبلاغة -كما عرفها أهلها- هي: بلوغ المتكلم في تأدية المعنى حدا له اختصاص بتوفية خواص التراكيب حقها، وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها وقيل في تعريفها أيضاً: البلاغة هي أن يبلغ المتكلم بعبارته كنه مراده مع إيجاز بلا إخلال، وإطالة من غير إملال Webسلسلة الاعجاز البلاغي في القرآن الكريم - 29 calendar_month play_arrow 11 الاستماع play_arrow تشغیل download تحميل share شارك ... read more



القائمة البريدية إشترك في قائمنا البريدية ليصلك كل ما هو جديد من المقالات. فجاء التعبير بالفعل الماضي الدال على التحقيق واليقين في الحديث عن النصر:فقد نصره الله فأنزل — وأيّده — وجعل… بينما جاء التعبير بالمضارع في تصوير مشهد الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن… وذلك لاستحضار صور المشهد بملابساته وما أحيط بهما من مخاطر أدّت إلى فزع أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي نال شرف الكناية عنه في قرآن يتلى إلى يوم القيامة، وذلك في قوله تعالى: إذ يقول لصاحبه. والعلّة في ذلك والله تعالى أعلم أن آية العلق كانت في بداية ظهور الإسلام وأولى نسائمه ولم تكن النفوس مهيّئة لاستقبال الأمر المفصّل أو الشرح المطوّل بدقائقه، فأجمل لكي يمسّ القلب ويطرقه طرقاً خفيفاً يوقظ الذهن من غفوته وغفلته، ثم جاء بعد ذلك التفصيل ووصف المراحل الدقيقة في سورة المؤمنون بعدها تهيّأت النفوس لذلك واستعدّت لاستقباله وفهمه. سبّح لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم الحديد 1. أوّلاً: التّقديم لمراعاة السّياق وحسن انتظام الكلام:. الإبلاغ عن خطأ!



ففي قوله: وجوههم مجاز مرسل علاقته الجزئية، حيث ذكر الجزء، وهو الوجوه، ذكر الحاصل هو أن النار تغشى جميع أبدانهم، ولكن في تخصيص ذكر الوجوه وتقديمها لفت للانتباه لما يلحقهم من المهانة والذلة وهم الذين أرادوا الوجاهة والمنزلة في قومهم، ومن قوله: من قطران بيانية أي من هذا الجنس, الاعجاز البلاغي في القران. إذ يوحي اختيار كلمة البعث في قوله وابعث بأنهم كانوا كالموتى في أحوالهم، لا يشعرون بشيء من صالح الحياة، فيكون الرسول فيهم بمثابة من بعثهم من رقادهم الجاهلي وموتهم القلبي. بيان فصاحة القرآن الاعجاز البلاغي في القران محمد حسان. سبّح لله ما في السموات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم الحشر 1. وهذا ما لا تدل عليه آيات التحدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

المتابعون